القصد الجرمي في الفقه الجنائي
د.ضياء عبدالله عبود الجابر الاسدي
جامعة كربلاء/ كلية القانون
هناك نظريتان طرحها الفقه الجنائي الغربي والعربي والعراقي بخصوص موضوع تعريف القصد الجرمي .
أولاهما تبنيه – أي القصد الجرمي او ما يطلق عليه الفقه الجنائي وعدد من التشريعات الجنائية بـ (القصد الجنائي/القصد الجزائي/ القصد العمد)-على العلم فقط لا غير، ولذا سميت بنظرية العلم، فالقصد الجرمي وفقاً لوجهة نظر هذه المدرسة ارادة الفعل وتصور النتيجة دون ارادتها، فالعلم بعناصر الجريمة مطلوب دون اشتراط ارادة النتيجة .
اما النظرية الثانية فترى ان العلم لوحده غير كاف فلابد من وجود ارادة موجهة لذلك العلم نحو ارادة النتيجة، كون العلم امر نفسي ثابت ومعلوم، وهو صفة مجردة عن الاجرام، فلا يمكن للمشرع ان يجرم العلم لوحده، لأنه صفة مجرة، الامر الذي يجعله يحتاج الى ارادة حرة مختارة توجهه الوجهة الجرمية نحو ارتكاب الجريمة واتيان عناصرها مع ارادة النتائج المترتبة عليها او قبولها على اقل تقدير، وهي هنا الارادة والتي تكون متغير غير ثابته بحكم العوامل والمؤثرات المختلفة فالقصد وفقاً لهذه النظرية او المدرسة ارادة الفعل وارادة النتيجة أو على اقل تقدير قبولها، وهنا نكون امام صورتي القصد الجرمي المباشر والقصد الاحتمالي.
وقد اخذ المشرع العراقي في قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل بالنظرية الثانية أي نظرية العلم والادارة، وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال نص المادة(33) و(34) من القانون المذكور.
كما ان الفقه الجنائي العراقي قد ذهب الى ذلك الامر مسنداً الى النصوص القانونية، والتطبيقات القضائية المتعلقة بهذا الموضوع.
مما تقدم يظهر لنا ان المشرع العراقي أورد تعريفاً صريحا للقصد الجرمي (( هو توجيه الفاعل ارادته الى ارتكاب الفعل المكون للجريمة هادفا الى نتيجة الجريمة التي وقعت او اية نتيجة جرمية اخرى))،مما يعني انه تبنى فيه نظرية العلم والادارة وهو مسلك محمود كان موفقاً فيه كثيراً.
واضاف الى تلك الحالة الواردة في المادة(33) حالة اخرى اوردها في المادة (34) ،فكان لدينا قصد جرمي مباشر سواء كان بسيطا ام مقترن بسبق الاصرار،كما يوجد لدينا القصد الاحتمالى كصورة من صور الجريمة العمدية.